کتاب سلام علی ابراهیم

لطالما ذکّرنا القائد الخامنئی} بمفاخر جبهتنا و کنوزها؛ وثقافة الحرب و أعلام الخنادق؛ إذ یقول: «هذه الحرب کنز.
فهل سنقدر علی استخراج هذا الکنز أم لا!؟ هذا هو فنّنا؛ أن نتمکّن من استخراج هذا الکنز، فالإمام السجاد قد استخرج کنز ساعات عاشوراء المعدودة؛ و کذلک الإمام الباقر و الأئمة من بعده قد استخرجوا جواهر و کنوز من سبقهم، و اجروا مثل هذا النبع الفوّار و الذی لا زال جاریًا حتّی الآن، و لطالما کان منشأً للخیر فی حیاتنا، و موقظًا علی الدوام، و ملقّنًا للدروس، و مذکرًا دائماً بما یجب القیام به.

و الآن الأمر کذلک. فکلّ واحد منا عندما یقرأ أی جملةٍ من کلمات الإمام الحسین التی بقیت و وصلتنا؛ یستذکر، و یشعر أنه یأخذ روحًا جدیدة و یتعلّمُ کلامًا جدیدًا».(حدیث الولایة؛ ج7؛ص238)

صحیح أنّ نقلَ ما یجری فی جبهات الحرب و الدفاع المقدّس و الکشف عن کنوزها یجب أن یکون وفق الأسلوب العلمی؛ ابتغاء الدقة و الأمانة التاریخیة، و أن یتّسم بصبغة الأدب و یتّصل بفنون الروایة و الکتابة؛ إلّا أن ذلک، فی أحیانٍ کثیرة، قد لا یکفی؛ فلا یتقیّد القلمُ بالفنون ..؛ فیجری بما باحت به ألسنة الشهود و ذاکرة الرفاق و دموع الإخوة و الأهل و حرارة أشواقهم، و عند حدیث الشهادة قد یعیا اللسان و یعجزُ القلم. و کما فی جبهة السیف؛ أیضًا فی ساحة القلم و اللسان؛ تمسّ الحاجة إلی الجهاد و الصبر و الألم و التحمّل و إلی الشهادة، شهادة بیضاء؛ تبهر العیون و تُتِمّ النور و لو کره الکافرون.

إنّ الشهادة سبیلٌ فتحه الله لتخلید خاصة عباده، و الشهید شاهدٌ علی عالم الناسوت. أما نحن فأموات العادات الیومیة الدنیویة. و ما أبسطنا حین نظنّ أنّنا قادرون علی و صف الشاهدین علی هذا العالم،.. فإنّ کلّ ما یُکتب أو یُقال عنهم ما هو إلّا تذکرة تنیر قلوبنا، نحن المنسیّین، حیث ینزل کالبرق علی وجودنا الغافل و یصیر نور الطریق فی ظلمة آخر الزمان.
یسرّ مرکز المعارف للترجمة أن یقدّم هذا العمل، و یکشف عن هذا الکنز، “سلام علی إبراهیم”؛ إصدارٌ جدید ضمن سلسلة سادة القافلة التی تصدر تباعًا فی مجموعة أدب الجبهة، نضعه بین أیدی القراء و خاصة الشباب الغیاری؛ روّاد الغد، حاملی أمانة الشهداء.