کانت المقابلةُ المصوّرة الشرارةَ الأولی لتدوین هذا الکتاب، کامیرا وقاعدة ومصوّر، وإصرار المحاور أو المصوّر علی السکوت فی غرفة المقابلة. القائد "محمد جعفر الأسدی" من قادة قوات حرس الثورة الإسلامیة فی الحرب المفروضة، الذین لا یتحدثون أمام الکامیرا إلا بشکل رسمی وعام، ولا یترک مجالًا للخوض بتفاصیل الأحداث، وکأنّ هذه المقابلات قد سُجّلت حتی یحین الوقت المناسب لوجود من یدوّنها، ومن ثم إنتاجها وثائقیًّا.
عندما اقتُرح علیّ تدوین کتاب ذکریات القائد الأسدی، کان المرجع الوحید الذی یمکننی الاستفادة منه هو الأشرطة المصوّرة للمقابلة، لکنّ الأهم منها، کان القائد نفسه. وفضلًا عن محبّتی القدیمة له منذ زمن الحرب المفروضة، فقد أُتیحت لی الفرصة مؤخّرًا - بدافع من الزمالة الکبیرة بیننا - لأسأله مباشرة عن التفاصیل التی لم تُذکر فی تلک الأشرطة، فی ظلّ علاقتنا الوطیدة والجوّ المفعم بالحمیمیّة. کان یبدو لی دومًا أنه یحمل فی ثنایا قصصه أسرارًا لم یبُح بها، وقد یبوح لی بعیدًا عن الاحتیاط الأمنیّ لنشر الذکریات بعد ثلاثة عقود.