هی مذکّرات مقاتل، تختزنُ فی تفاصیل أحداثها فلسفةً خاصة. یرویها تعبوی معاندٌ صارَعَ لأجل غایة وأمل، .. تمرّس فی الاستطلاع وعاین الأسماء والمواقع والخرائط، ووجّه الکتائب والسرایا، وهو جریحٌ رافقته هواجس وأوجاع، وعاشقٌ أحبّ واشتاق وانتظر.
انبعث من الأسرةِ والدراسة، وانجذب إلی عالم الجبهة ورفاق الصبا، وغاص فی التدریبات والمهام والالتحام مع العدو، وشهود الموت.. وشهادة الرفاق.
منعطفات ومغامرات، خاضها "مهدی قلی"، وقاسی الشدة فی امتحان الصبر والبلاء، أفرزت تغیّرات صنعَها مع رجال الجبهة، وبانت صفاتٌ وملَکات نکتشف من خلالها شدّة العلاقة بالله عز وجل.
هی رحلةُ شابٍّ اختزَن المعلومات والوجع والضحک والمشاکسة والدموع، ورائحة البارود، وعطر الشهداء، وملأ نفسه بحقائق أدرکها وقرر نقلها لنا. نضعها بین یدی القارئ لیجول فی دقائقها، ویکتشف عِبَرها.
وإن کانت خاتمة الثورات هی أکثر ما یوضح کمْ ترکّزَ فکرُها فی نفوس محاربیها، فهنا ستبدأ معالم هذا الفکر بالظهور. لتجیب عن السؤال: هل کان "مهدی قلی" من المحاربین حُبًّا بالحرب أو بقرار عفوی، وهل کان فی عداد الیائسین لما شاهد أو لما آلت إلیه الأمور؟ أم هل تحرک ببصیرة لا تُضیّع، وقناعات لا تموت؟